أين أبي ؟؟
كنت في الخامسة من العمر تقريبا إن لم يكن أقل بأشهر ..
نسكن في بيت طيني وكثير من البيوت كانت طينية في بريده ماعدا مستشفى بريده المركزي الذي كان من الخرسانة وقد كان ملجأ لكثير من الناس عند الأمطار الغزيرة التي تتسبب في سقوط المنازل كما اشتهر ذلك عنه في سنة الغرقة المعروفة.
بيتنا في حي السادة بمدينة بريده وقد سمي حي السادة بهذا الإسم لأن فيه مرتفع من الرمل ( نفود ) كان يسد على الماء القادم من شارع الخبيب حيث كان الخبيب مجرى ماء وادي صغير اسمه وادي الخبيب تأتي مياه الأمطار من خلاله من الشمال باتجاه الجنوب متوجهة الى وادي الرمة وكان هذا النفود يسد طريق الوادي ويجتمع فيه الماء فسميت السادة .
كان بيتنا ليس بعيدا عن دوار (المرش) أو دوار (النقطة) او دوار (المضخة) في حينه وسمي كذلك لأن فيه مضخة ماء تسحب مياه أمطار شارع الخبيب التي تتجمع في هذا الموقع لتكوّن بحيرة تمتد شمالا وجنوبا قد تبقى لأشهر عدة وقد رأيت ذات مرة مياه الأمطار في شارع الخبيب وقد وصلت من الجهة الجنوبية حتى المحطة التي في المرتفع والتي كانت تسمى محطة (النجيدي) ويبقى شارع الخبيب مغلقا لا يمر من خلاله الا السيارات الكبيرة او بعض ذات الدفع الرباعي حتى تم انشاء المضخه لسحب تلك المياه وابعادها عن الطريق..
كان بيتنا في الحي الجنوبي الشرقي للدوار وقريبا للطريق يبعد عنه حولي 100 متر الى 150 تقريبا داخل الحي , حينما يكون الدوار خلف السائر ووجه باتجاه الشرق في شارع الصالحية كما يسمى بعد تجاوز شارع الخبيب أول شارع على اليمين باتجاه الجنوب موازي لشارع الخبيب على زاويته الشمالية الغربية يقع محل جزار صغير كان اسمه جزار (الحودي) وكان رجل طيب فاضل ولم يكن هناك جزارين غير سعوديين اطلاقا في بريده كانت بيتنا قريبة منه حيث كان والدي كثيرا ما يرسلني أنا او اخي اليه لنحضر منه اللحم ,كانت علاقته بوالدي طيبة بل ممتازه بل وعلاقته بكل أهل الحي , لم نكن ندفع له المال مباشرة يجمع الحساب ثم يحاسبه والدي ربما كل شهر أو اسبوع أو اكثر او اقل ,
يقع بيتنا على شارعين متظاهرين غربي وهو الذي في ناصيته الشمالية الغربية جزار الحودي وشرقي..
الباب الغربي يفتح على موزع كما يسمى في وقته (صاير الباب)واسعا الى درجة مناسبة وأتذكر أنه يقارب مترين الى مترين ونصف في أكثر من ثلاثة أمتار ندخل منه دائما ..
كان استعمال الباب الشرقي قليل جدا لا أدري ما هو السبب لكننا إعتدنا على الباب الغربي وقد يكون لاتساع شارعه سبب في ذلك ولما حدث من توالف بيننا وبين الجيران فيه من علاقة متطورة وتقارب كبير أو لأن المدرسة تقع على امتداداه من الجنوب او غير ذلك..
الى يمين المدخل مجلس الرجال وفي الواجهه يظهر جزء من الحوش (فناء المنزل) فوق المدخل توجد غرفة لبعض أخوتي استقلها اخي الكبير الذي كان مسالما الى درجة كييرة لا علاقة له بأحد أو بأي مشاكل او نزاعات داخل البيت حتى العادية بين الصغار لا يتدخل فيها قد أقول اطلاقا رغم أنه الكبير هو من كان في تلك الغرفة أكثر وكذلك أخي الذي أصغر منه بسنتين وعلى الأكثر ثلاث سنوات, إلا أن أخي هذا كان مختلفا عن الكبير في أنه إنسان قيادي في البيت وفي خارج البيت وصاحب شخصية قوية قد أثرت على الجميع فالكل يستمع لرأيه وربما لا يستطيع مناقشته لأنه صاحب رأي ومعرفة اضافة الى أنه صنع هيبة خاصة له وشخصية قوية ومركز إجتماعي قوي حتى على مستوى الأصدقاء والجيران وكل من له علاقة به ..
ذات يوم كنت قادما من المدرسة قريبا من صلاة الظهر وقد دخلت المدرسة الابتدائية بسن صغيرة لأن أخي الكبير كان معلما جديدا في مدرسة القدس الابتدائية القريبة جدا من منزلنا في حي السادة فكان سبب دخولي وقبولي في تلك السن الصغيرة وأيضا تعلقي بالمدارس مثل أي طفل يرى إخوته وأخواته يذهبون الى المدارس يريد أن يكون معهم ويحس بأنه قد كبر ويفعل فعل الكبار ..
وافق المدير على التحاقي بالمدرسة مثل غيري ممن لهم أقارب في المدرسة, كانت الاستثناءات سهلة وميسرة وترجع لعوامل كثيرة منها أن الصلاحيات الكاملة للتسجيل كانت ترجع للمدرسة وللمدير خاصة وحتى المعلمين وقد يتوسط فيها حتى حارس المدرسة أو المستخدم وكذلك العلاقات الاسرية والصداقات والجيرة وغيرها المهم عندهم لتجاوز السن النظامي والقبول في المدرسة هو أن الطفل يحسن التصرف ويعرف يتجه الى الفصل الدراسي ويعرف يقضي حاجته في دورة المياه لا يحتاج فيها الى المساعدة وهذا من أهم المعايير للقبول والاستثناء ..
رأيت ذات مرة في نفس المدرسة منهم في الصف الثاني أو حتى الثالث يخرجونه من المدرسة وقت الدراسة ليذهب لبيتهم لعدم قدرته على التصرف السليم عند قضاء حاجته وقد يكون قضاها على نفسه , لا لوم عليهم كانوا اطفالا ولم يكن كل شيء مهيأ بسهولة ولم تكن حتى نفسيات الأطفال تستطيع أن تتعامل مع الوضع الجديد والمدرسة والمعلمين وطريقة الاستئذان وأشياء أخرى كثيرة ..
تحدث كثيرا مثل هذه الأحداث, وليست غريبة في ذلك الوقت الثقافة والخوف والرهبة وصعوبة التواصل !!
تغيبت عن المدرسة لعدة أيام بسبب ضرب المدرس لي ذات مرة وكان قد اعطانا واجبا مدرسيا وهو كتابة نصف ورقة وكانت الكتابة هي عدوي الأول لا أحبها ابدا فصادف أن كان خالي الذي توفي في نفس العام بعد أن أصابه احد أصدقائه عن غير قصد خطأ من الأثنين على ما أذكر من بقايا قصة مقتله بطلقة نارية ببندقية رش (شوزن) أصابته في رأسة توفي فورا في مكانه وقد حدثت تلك الحادثة في بلدة اللسيب التي كان جدي لوالدتي مازال يسكنها وقد بقي فيها حتى توفي رغم أن معظم الناس انتقلوا من القرى الى المدن إلا هو.
تصادف واجبي المدرسي مع زيارة خالي مع جدي لنا وكان يدرس في الصف الثالث فطلبت منه كتابة الواجب عني فوافق وكتبه وأنهاه في دقائق قليلة .
وكان خطه وطريقة كتابته تختلف عني يكتشف ذلك الأعمى فلم يكن خط طالب في الصف الأول مما جعل المعلم يكتشف ذلك وسألني من كتب لك الواجب فقلت أنا وكان يصر على استجوابي فأرفض وأصر على أنه أنا كرر ذلك مرارا وهددني بالضرب وأنا على اصراري أنه أنا ..!!
فضربني وقال :
إرسال تعليق
2 تعليقات
الله يغفر له ويرحمه ويسكنه فسيح جناته وجميع موتانا وموتى المسلمين
ردحذفآمين يارب ووالدين ووالديكم وجميع المسلمين
حذفالكلمة الجميلة مدخل القلب